التعريفة الجمركية السعودية ليست مجرد رسوم تُفرض على البضائع، بل هي أداة اقتصادية متكاملة تُجسد رؤية المملكة في تحقيق التوازن الدقيق بين حماية السوق المحلي من المنافسة الخارجية، وفي الوقت نفسه تعزيز النمو الاقتصادي وتشجيع التبادل التجاري.
هل ترغب في فهم كيف تعمل هذه الأداة؟ وما تأثيرها على حركة الاستيراد والتصدير؟ هذا المقال سيُقدم لك إجابات وافية حول مفهوم التعريفة الجمركية السعودية، وأهميتها في الاقتصاد الوطني، وكيفية احتسابها باستخدام أحدث الأنظمة والمنصات الإلكترونية.
ما أهمية التعريفة الجمركية السعودية؟
الرسوم الجمركية في السعودية تُعتبر أداة اقتصادية هامة تُستخدم لتنظيم حركة التجارة الدولية وحماية الاقتصاد الوطني. وتُفرض هذه التعريفة، على السلع المستوردة والمُصدّرة، حيث تُشرف عليها هيئة الزكاة والضريبة و الجمارك، وتلعب دورًا حيويًا في تحقيق أهداف المملكة الاقتصادية والتجارية.
وفيما يلي توضيح مفهومها وأهميتها وأنواع الوثائق المطلوبة، بالإضافة إلى استعراض النظام المتكامل والمنصات الإلكترونية المُساندة.
ماذا تعني التعريفة الجمركية السعودية؟
في البداية، يجب توضيح مفهوم التعريفة الجمركية السعودية، وهي تعني الضرائب والرسوم التي تفرضها السلطات السعودية المختصة، ممثلة في هيئة الزكاة والضريبة و الجمارك، على البضائع المستوردة والمُصدرة، من وإلى المملكة، وتختلف قيمتها المالية تبعاً لنوع المنتج.
وتختلف الأهداف التي تسعى الدول التي تطبق بنود التعريفة الجمركية للوصول إليها بدايهً من حماية المنتج المحلي من الاحتكار الذي تفرضه السلع المستوردة على السوق المحلي، وتحفيز مستوى الإنتاج المحلي في الدولة بهدف الاستهلاك المحلي والتصدير للخارج، وحتى زيادة الدخل القومي للدولة.
وبالمثل، فإن أهداف المملكة لتطبيق التعرفة الكمركية السعودية تتراوح ما بين مراقبة الأعمال التجارية الدولية من خلال منع دخول السلع الموقوفة والمقيدة والممنوعة والتي تهدد أمن وسلامة المجتمع، وزيادة الدخل القومي من خلال القيمة المالية المفروضة على أسعار المنتجات المستوردة والمُصدرة.
ما الوثائق المطلوبة لإصدار التعريفة الجمركية السعودية؟
تتولى هيئة الزكاة والضريبة والجمارك مهمة تحصيل التعريفة الجمركية السعودية من المستورد أو المصدر، وتنقسم مستندات التخليص الجمركي في السعودية إلى نوعين وفقاً لاتجاه السلعة أو المنتج، سواء كان مُصدر للخارج او مستورد للداخل:-
النوع الأول، المستندات المخصصة للمستوردين وتتضمن بوليصة الشحن، وشهادة المنشأ الموثقة، والفاتورة التجارية، والشهادة الزراعية في حالة استيراد منتجات زراعية أو الصحية في حالة استيراد المواد الغذائية واللحوم والألبان.
والنوع الآخر هو الوثائق اللازم تقديمها من قبل المصدرين وهم الفاتورة الخاصة بالبضائع المصدرة، والبيان الخاص بالحمولة، وفي حالة عدم توافر قيمة نقدية تعادل التعريفة الجمركية للبضائع المستوردة، يجب على المستورد تقديم ضمانات كافية مثل التأمين أو الضمان البنكي أو الممتلكات المرهونة بما يعادل قيمة التعريفة الجمركية من أجل الإفراج الجمركي عن البضائع.
ما المستجدات بشأن التعريفة الجمركية السعودية؟
في إطار تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030، طورت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك ما يُعرف بنظام الجمارك السعودي الجديد يهدف إلى تبسيط إجراءات فسح وتخليص البضائع، وتعزيز الرقابة عليها. ويعتمد النظام الجديد على تعريفة جمركية متكاملة، ونظام إلكتروني متطور، وتسهيلات إجرائية، واستخدام أحدث التقنيات.
ومن خلال التطبيق الكامل لجدول التعريفة الجمركية المتكاملة في 30 مارس 2016 (30/3/1437هـ)، شهد العمل الجمركي في المملكة نقلة نوعية، بعد اعتماده في جميع المنافذ الجمركية بعد نجاح تجربة تطبيقه في ميناء الرياض الجاف.
ويعتمد هذا الجدول على النظام المنسق (HS) الصادر عن منظمة الجمارك العالمية. ويوفر هذا النظام تصنيفًا دوليًا موحدًا للسلع، مما يسهل الإجراءات الجمركية ويساهم في تعزيز التجارة الدولية. ويتكون هذا النظام من 21 قسمًا و 98 فصلًا، تشمل مختلف أنواع السلع من المواد الخام إلى المنتجات المصنعة.
أما بالنسبة للتسهيلات، فإن المملكة طورت عدة منصات إلكترونية واستخدمت أحدث التقنيات لتسهيل عملية الاستيراد والتصدير، ومن ضمن هذه المنصات منصة فسح وسابر، بالإضافة إلى منصة الأعمال والمنصة الوطنية.
أولاً، منصة “فسح” والتي طورتها هيئة الزكاة والضريبة والجمارك السعودية، وهي نافذة موحدة لتسهيل وتسريع إجراءات التخليص الجمركي للشحنات المستوردة والمصدرة في المملكة. وتهدف المنصة إلى الآتي:-
- تسريع إجراءات الفسح الجمركي للشحنات والبضائع المستوردة من خارج المملكة.
- ضمان الشفافية في مختلف الخطوات الجمركية والتكامل بين الجهات الحكومية.
- تقدم نحو 135 خدمة جمركية للمستوردين والمصدرين.
- تقديم خدمات إلكترونية متكاملة مثل تتبع الشحنات والدفع الإلكتروني.
- دعم الاقتصاد الوطني وتحسين مستوى التنافسية في المملكة والالتزام بالمعايير الدولية.
ثانياً، منصة “سابر” وهي نظام أطلقته الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة لتسهيل دخول المنتجات إلى السوق السعودي وتوحيد إجراءات الاستيراد والتصنيع. وتتلخص أهداف منصة سابر في الآتي:
- توحيد الإجراءات وتقليل التعقيدات الإدارية وتسريع الفحص والتقييم.
- ضمان شفافية الإجراءات والتكامل بين الجهات الحكومية.
- توفير خدمات التسجيل وطلبات الفحص والتقييم والدفع الإلكتروني وتتبع الطلبات والحصول على شهادات المطابقة.
- ضمان مطابقة المنتجات للمواصفات القياسية السعودية وحماية المستهلكين.
- تسهيل حركة التجارة وتشجيع الاستثمار في المملكة.
ثالثاً، منصة الأعمال والتي تُعد نافذة رقمية شاملة تهدف إلى تسهيل ممارسة الأعمال التجارية في المملكة العربية السعودية، وتكمن أهميتها في مجال التعريفه الجمركيه السعودية في ما يلي:
- تُساعد المنصة رجال الأعمال على الوصول إلى معلومات موحدة وموثوقة حول الإجراءات الجمركية ومتطلبات الاستيراد والتصدير.
- تُساهم المنصة في تبسيط بعض الإجراءات المتعلقة بالتجارة عبر توفير خدمات إلكترونية متكاملة.
- تدعم المنصة التواصل مع الجهات الحكومية المختلفة ذات العلاقة بالتجارة والجمارك.
رابعاً، المنصة الوطنية والتي تُعتبر نظام هوية رقمية وطنية يُمكن المواطنين والمقيمين من الوصول إلى الخدمات الحكومية الإلكترونية وصولًا آمنًا وموثوقًا باستخدام بيانات اعتماد موحدة. وتتلخص أهمية المنصة في:
- توفير خدمة البحث في التعريفة الجمركية والتي توفر للمستفيد إمكانية البحث في التعرفة الجمركية من خلال تصفحها أو بواسطة رقم البند الجمركي، أو بالوصف، أو الفصل، أو القسم.
- تُمكين المنصة المستخدمين من تسجيل الدخول إلى مختلف المنصات الحكومية، بما في ذلك منصة فسح ومنصة الأعمال، باستخدام بيانات اعتماد موحدة (اسم المستخدم وكلمة المرور أو الهوية الرقمية).
- تسهيل الإجراءات الإلكترونية من خلال توفير هوية رقمية موحدة لإتمام الإجراءات المختلفة المتعلقة بالتجارة والجمارك
في ثوانِ.
ما قيمة التعريفة الجمركية في السعودية؟
تختلف التعريفة الجمركية السعودية بحسب الرسوم المفروضة على السلع حسب نوعها وطبيعتها، مما يعكس حرص هيئة الزكاة والضريبة والجمارك على تحقيق التوازن بين حماية الاقتصاد الوطني وتلبية احتياجات السوق المحلي.
التعرفة الجمركي على السلع
تختلف رسوم الجمارك السعودية للبضائع المستوردة والمُصدرة وفق عدة عوامل، وهذا وفقاً لدليل الجمارك السعودي؛ بالنسبة للخضروات والمنتجات المنزلية، تُفرض جمارك قدرها 15% من قيمة السلع الأصلية عند استيرادها لداخل المملكة، ومثلها على السيارات والمركبات ولوازمها (مثل الزيوت وقطع الغيار).
بينما تتراوح الرسوم المفروضة على استيراد اللحوم ما بين 2% إلى 15%، أما منتجات الألبان والرخام وأدوات السباكة ومستحضرات التجميل تصل حتى 15% وقد تُمنح إعفاء جمركي في بعض الأوقات.
التعرفة الجمركي على المنتجات الشخصية
قررت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك إعفاء المنتجات المستوردة أو المصدرة من رسوم الجمارك السعودية للبضائع الشخصية، وتختلف الرسوم المفروضة عليها حال زيادتها عن البضائع التجارية المختلفة. وهناك شروط تحدد الفرق بين السلع الشخصية والتجارية ومن أهمها:
- تقديم إثبات الشخصية لحامل السلعة للتأكد من صحة البيانات المرفقة مع الشحنة.
- الكمية كمحدد رئيسي للتفرقة بين السلع الشخصية والتجارية.
- إذا تخطت قيمة السلعة الشخصية 1000 ريال، سيتم فرض 5% او تزيد حسب قيمتها ونوعها.
- وزن الحقيبة إذا تخطى 32 كجم تُفرض عليها تعريفة جمركية سعودية.
كيفية احتساب التعريفة الجمركية السعودية على مختلف البضائع؟
لحساب التعريفة الجمركية لأي منتج مُصدر أو مستورد، يجب مراعاة عدة عوامل:
- تصنيف السلعة: لكل سلعة رمز تصنيفي خاص بها ضمن النظام المنسق (HS Code) المعتمد دوليًا. هذا الرمز يُحدد نسبة الرسوم الجمركية المُطبقة عليها. من الضروري معرفة هذا الرمز بدقة لتحديد التعرفة الصحيحة. يمكنك البحث عن رمز النظام المنسق للسلعة، أو كما يُعرف ببند التعريفة الجمركية، عبر موقع هيئة الزكاة والضريبة والجمارك أو بالاستعانة بخبراء متخصصين في أسعار التخليص الجمركي السعودية.
- نوع السلعة: بعض السلع قد تخضع لرسوم إضافية أو إعفاءات خاصة بناءً على طبيعتها (مثل منتجات الألبان).
- بلد المنشأ: قد تُطبق اتفاقيات تجارية تفضيلية مع بعض الدول، مما يُخفض أو يُلغي الرسوم الجمركية على السلع القادمة منها.
- الرسوم الأخرى: بالإضافة إلى الرسوم الجمركية، قد تُفرض رسوم أخرى مثل ضريبة القيمة المضافة (VAT) بنسبة 15% تُحسب على قيمة السلعة مضافًا إليها الرسوم الجمركية.
والآن لحساب التعريفة الجمركية على أي منتج، يتم أولاً تحديد قيمة ضريبة القيمة المضافة بنسبة 15% ثم بعد ذلك يُضاف عليها رسوم جمركية بنسبة 11% من قيمة المنتج الرئيسي لتصل قيمة الرسوم الجمركية إلى 26%. وتجدر الإشارة إلى أن هيئة الجمارك تُحدد الرسوم لكل سلعة بمفردها بناءً على قيمتها السوقية.
يجب التنويه إلى أن الحكومة السعودية أصدرت عدة قوائم تتضمن عدد من السلع التي يُحظر استيرادها من الخارج، بل وتُفرض عليها عقوبات حال تهريبها، ومن ضمنها جميع أنواع المسكرات.
وعلى الجانب الآخر، يوجد عدد من البضائع حصلت على إعفاء من الجمارك وذلك حتى تتم عملية الاستيراد دون عوائق لأهمية هذه السلع وقلة الإنتاج المحلي المخصص لها ومن ضمنها منتجات الألبان والجلود المختلفة والعسل الصناعي.
وفي النهاية، يجب القول أن التعريفة الجمركية السعودية تمثل ركيزة أساسية في دعم الاقتصاد الوطني من خلال حماية الإنتاج المحلي وتنظيم حركة البضائع المستوردة والمُصدرة.
وبفضل الأنظمة المتكاملة والتقنيات الحديثة، أصبح من السهل تنفيذ الإجراءات الجمركية بكفاءة وسرعة. ومع استمرار المملكة في تحسين السياسات الجمركية، يبقى الهدف الرئيسي هو تعزيز التجارة الدولية ودعم التنمية المستدامة.