تخيل إدارة الأعمال دون نظام دقيق لتتبع المعاملات المالية!
فوضى عارمة، أليس كذلك؟
كيف تُحافظ على دقة بياناتك المالية في ظل تدفق مستمر للإيرادات والنفقات؟ الحل يكمن في القيود المحاسبية، الأداة الأساسية التي تُحوّل الفوضى إلى نظام، وتنهي العشوائية ويحل محلها الدقة والموضوعية.
القيود المحاسبية ليست مجرد أرقام تُسجّل، بل هي خريطة طريق للقسم المالي في مؤسستك تُوضّح مسار كل معاملة، من أبسط الإيرادات إلى أعقد النفقات. في هذا المقال، سوف نكتشف ماذا نعني بمصطلح قيود محاسبية وأنواعها وأهميتها في عالم الأعمال.
ماذا يعني مصطلح قيود محاسبية؟
على الرغم من التطور التكنولوجي في كل مجالات العمل، فالكثير من المهام أصبحت تتم بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي وأنظمة مؤتمتة. إلا أن اعتماد نظام القيود المحاسبية لا يزال غير متكافىء مع تلك التقنيات والبرامج، وفي ظل كل تلك البيانات، ازدادت أهميته نتيجة لدوره المحوري في تنظيم وتوثيق المعاملات المالية والتأكد من دقة المعلومات والأرقام المسجلة في السجلات المحاسبية.
فدعنا هنا نضع تعريفًا للقيد المحاسبي.
ببساطة هي عملية تجرى فيها توثيق وحفظ كافة المعاملات المالية للمنشأة وأي مشروع آنيًا، ويتم عادهً إعداد القيد المحاسبي باستخدام نظام القيد المزدوج أو القيد المفرد.
ويتطلب النوع الأول من الأنظمة المستخدمة لإعداد القيد المحاسبي، المُسمى بالقيد المزدوج، إجراء قيد مدين وقيد دائن، وهو ما يؤدي في النهاية إلى إنشاء مجموعة كاملة من البيانات المالية، أما النوع الثاني، المعروف بالقيد المفرد، يتتبع فقط المقبوضات والمدفوعات النقدية، ويعرض فقط النتائج المطلوبة لإعداد قائمة الدخل.
وغالبًا ما تُسجل القيود المحاسبية في مجموعة من الدفاتر المحاسبية، من ضمنها دفتر الجرد والميزانية، والدفتر العام، و دفتر اليومية العامة ودفتر الموازين ودفتر الأستاذ العام.
هل القيود المحاسبية حقًا مهمة لمؤسستك؟
بالطبع! وهنا لخصنا بعض النقاط التي توضح أهمية القيود المحاسبية لمؤسستك.
- تُعدّ القيود المحاسبية حجر الزاوية في تنظيم السجلات المالية للشركة، فهي تُنشئ نظامًا مُحكمًا لتسجيل وتوثيق جميع المعاملات المالية بترتيب زمني، مما يُسهّل الوصول إلى المعلومات المطلوبة بسرعة وكفاءة. هذا التنظيم يُقلّل من احتمالية فقدان البيانات أو حدوث أخطاء في التسجيل.
- بالإضافة إلى ذلك، يُوفّر نظام القيود المحاسبية أساسًا قويًا لإعداد التقارير المالية الدقيقة. كما تُساعد القيود المحاسبية في تتبع حركة الأموال والأصول والالتزامات، وتُساهم في الحفاظ على سجلات مالية مُنظّمة وموثوقة، ما يُسهّل عمليات التدقيق الداخلي والخارجي.
- يُساهم تسجيل القيود المحاسبية بدقة واحترافية في توفير معلومات مالية موثوقة وشفّافة. هذه المعلومات تُعتبر ضرورية لاتخاذ القرارات المالية الصائبة على مُختلف المستويات الإدارية.
- ليس هذا فقط، تُساعد القيود المحاسبية الشركات على الالتزام بالمعايير المحاسبية الدولية أو المعايير المحاسبية المقبولة عمومًا والمعمول بها في الدولة، بالإضافة إلى القوانين واللوائح الضريبية والتجارية الأخرى. ويشمل ذلك الالتزام بقواعد ضريبة القيمة المضافة، بما في ذلك الحالات الخاصة مثل “الاحتساب العكسي”. هذا الالتزام يقلل من احتمالية تعرض الشركات للمسائلة القانونية والغرامات والعقوبات، ويُعزّز سمعتها ومصداقيتها.
- تُوفّر القيود المحاسبية بيانات مُفصّلة عن جميع جوانب الوضع المالي للمنشأة، بما في ذلك الإيرادات والمصروفات والأصول والخصوم وحقوق الملكية. وتُستخدم هذه البيانات في التحقق من إيداع القوائم المالية، مثل قائمة الدخل وقائمة
المركز المالي وقائمة التدفقات النقدية، وبالتالي فهم أداء الشركة وربحيتها وسيولتها وقدرتها على سداد الديون.
ما أنواع القيود المحاسبية؟
تختلف أنواع القيود المحاسبية طبقاً لعوامل التصنيف، فإذا كان العامل الأساسي هو عدد الحسابات المذكورة في طرفي الدائن والمدين، فإنها تنقسم إلى نوعين بسيط ومركب. وإذا كان العامل الأساسي هو نوع القيد وطبيعته فينقسم إلى خمس أنواع وهي قيد يومية، والقيد الافتتاحي، وقيد التسوية، والقيد العكسي وقيد الاحتساب الإقفال. وفيما يلي أنواع القيود:-
النوع الأول: القيد البسيط
يُعتبر القيد البسيط أسهل أنواع القيود المحاسبية وأكثرها مباشرهً، حيث تتضمن تسجيل المعاملات المالية التي تؤثر على حساب واحد فقط في الدفتر اليومي.
على سبيل المثال، يُستخدم القيد البسيط لزيادة حساب النقدية وتسجيل الايرادات عند توثيق إيرادات المبيعات النقدية.
النوع الثاني: القيد المركب
على عكس القيد البسيط، فإن القيد المركب يضم أحد طرفيه أو كلاهما -المدين أو الدائن- أكثر من حساب. وفي العادة يُحدد قبل كتابة هذا النوع من القيود كلمتي “من” أو “إلى” حساب محدد وذلك وفقاً لكونه حسابًا مدينًا أم دائنًا.
ويوجد ثلاث أنواع من القيود المركبة بناءً على جانب الحساب، فهناك قيود مركبة من جانب الدائن فقط، وقيود مركبة من جانب المدين فقط، وقيود مركبة من الجانبين. ويظهر القيد المركب بصورة واضحة في ما يُعرف بقيد المشتريات، والذي يؤثر على الأقل على حسابين (المخزون/الأصل والنقدية/الموردين)
النوع الثالث: القيود اليومية
تُعدّ القيود اليومية من أبسط أنواع القيود المحاسبية والتي تركز على تسجيل المعاملات المالية اليومية كلُ على حدى، بهدف تحقيق إدارة مالية مُحكمة و تحديد نتيجة النشاط في نهاية كل فترة بالربح أو الخسارة، ويُشترط في قيد اليومية التوازن بين المدين والدائن.
وفيما يلي أحد التمارين على القيود اليومية: لو افترضنا شراء شركة “ميم” للتجارة مُعَدّات مكتبيّة نقدًا بقيمة 3000 ريال، كيف ننفذ مفهوم القيود اليومية.
ويتلخص حلها في الآتي:
- تحديد المعاملة: شراء مُعَدّات مكتبيّة.
- تحليل المعاملة: المُعَدّات المكتبيّة (حساب مَدين)، والنقديّة (حساب دائن).
- تحديد القيم: المُعَدّات المكتبيّة 3000 ريال (مَدين)، والنقديّة 3000 ريال (دائن).
- تسجيل القيد في دفتر اليومية: المَدين وهو الآثاث بقيمة (3000 ريال)، أما الدائن وهو النقديّة بقيمة (3000 ريال).
- ترحيل القيد إلى دفتر الأستاذ.
النوع الرابع: القيد الافتتاحي
يُستخدم القيد الافتتاحي في بداية كل دورة محاسبية بهدف توثيق الأرصدة الافتتاحية للحسابات المالية ووضع حجر الارتكاز في توازن بداية المدة المحاسبية.
ومن ضمن تطبيقاته المعروفة هو قيد رأس المال الافتتاحي، والذي يشمل التدفقات النقدية الأولية للشركة مثل الأصول والخصوم وحقوق الملكية.
النوع الخامس: قيد التسوية
قيود التسوية هي قيود محاسبية تصحيحية تهدف إلى تصحيح الأوضاع التي تخالف بعض مبادئ المحاسبة مثل مبدأ الاستحقاق أو المقابلة.
وفي بعض الحالات، تحتاج المنشأة بعض المصروفات خلال السنة المالية دون تسديدها، أو قد تنفذ الشركة بعض المشروعات في السنة دون إستلام كامل قيمة التعاقدات، هنا يأتي دور قيود التسوية.
وفي حالات أخرى، يتم إجراء بعض التسويات لتعديل أرصدة الحسابات من أجل الوصول إلى نتيجة النشاط والمركز المالي بصورة سليمة ودقيقة لكل فترة محاسبية على حدى. وفيما يلي أنواع قيود التسوية:
- قيد تسوية الإيرادات المستحقة: وهي تمثل المبالغ التي من المفترض أن الشركة اكتسبتها مقابل خدمات أو منتجات قدّمتها خلال الفترة المحاسبية الحالية، ولكنها لم تتحصل عليها نقدًا بعد. أي أنها إيرادات مُستحقة القبض.
- قيد تسوية الإيرادات المقدمة: وهي تمثل المبالغ التي استلمتها الشركة مُقدماً مقابل خدمات أو منتجات ستُقدّمها في المستقبل. وهذه المبالغ تُعتبر التزاماً على الشركة حتى توفر الخدمة أو المنتج. حيث عند استلام المبلغ، تُسجل كإيراد مؤجل (مُقدّم)، وعند تقديم الخدمة أو المنتج، يتم تحويله إلى إيراد مُكتسب.
- قيد تسوية المصروفات المستحقة: وهي تمثل المصروفات التي تحمّلتها الشركة خلال الفترة المحاسبية الحالية، ولكن لم يتم دفعها نقداً بعد. أي أنها مصروفات مُستحقة الدفع. من ضمن أشكالها الرواتب.
- قيد تسوية المصروفات المقدمة: وهي تمثل المبالغ التي دفعتها الشركة مُقدماً مقابل خدمات أو منافع ستستفيد منها في فترات محاسبية لاحقة. هذه المبالغ تُعتبر ضمن أصول الشركة، والتي يمكنها الاستفادة منها لاحقًا.
النوع السادس: القيد العكسي
يُجرى القيد العكسي عادهً في بداية السنة المالية الجديدة بهدف تبسيط عملية تسجيل المعاملات خلال تلك الفترة وتجنب الأخطاء الناتجة عن التكرار.
يهدف القيد العكسي في الأساس إلى تسهيل تسجيل المعاملات النقدية اللاحقة المرتبطة بالتسويات، التي تمت في نهاية الفترة السابقة عن طريق عكس هذه التسويات مؤقتًا. ويُسهم هذا الإجراء في تجنب تسجيل نفس العملية مرتين وجعل العملية المحاسبية أكثر سلاسة.
يُستخدم القيد العكسي في العديد من الحالات الشائعة، منها: تسجيل مصروفات على الدفاتر المحاسبية لكنها لم تُسدَّد أو لم تُدوَّن بعد، وتوثيق إيرادات سُجلت بالفعل ولكن لم تُكتسب أو تُحصَّل بعد.
النوع السابع: القيود الختامية
تُعد القيود الختامية من بين أهم الإجراءات المحاسبية. وهي تتضمن إغلاق جميع حسابات الإيرادات والمصروفات لتحديد قائمة الدخل والربح الصافي أو الخسارة الناتجة. هذا الإجراء ضروري لإعداد بيانات مالية دقيقة وتقييم الأداء المالي للشركة خلال فترة محددة.
وتنقسم القيود الختامية إلى نوعين رئيسيين:
- القيود الختامية للمصروفات: تُعالج عادةً كقيود دائن في عملية الإغلاق.
- القيود الختامية للإيرادات: تُعالج كقيود مدين في عملية الإغلاق.
ما خطوات تسجيل القيود المحاسبية؟
في هذا الصدد، يجب توضيح خطوات تسجيل جميع القيود المحاسبية من أجل ضمان دقة وشفافية الحسابات للشركات. وبالتالي، تسجيل أي عملية مالية في السجلات المحاسبية، يجب إتباع الآتي:
- تحديد عناصر القيد المحاسبي: تحديد وصف العملية وقيمتها والحسابات المتأثرة بها.
- تحديد اتجاه تأثير القيد: تحديد زيادة أو نقصان كل حساب متأثر من العملية المالية.
- تحديد طرفي القيد (مدين/دائن): تحديد الحسابات المدينة والدائنة وفقًا لقواعد القيد المزدوج.
- إعداد القيد: تنظيم القيد في جدول يتضمن التاريخ والوصف والحسابات المدينة والدائنة وقيمة العملية.
- تسجيل القيد: تسجيل القيد دون الإخلال بالشرط الأساسي في تسجيله وهو ذكر تاريخ العملية المالية.
- مراجعة القيد: التأكد من صحة جميع بيانات القيد (التاريخ، المبلغ، الحسابات، الوصف) قبل اعتماده.
ختامًا، لا تُعدّ القيود المحاسبية مجرد تدوينات في السجلات، بل هي حجر الزاوية في بناء هيكل مالي متين لأي منشأة. سواء كانت قيودًا بسيطة أو تعديلات محاسبية معقدة، فهي تُمكّن من إعداد تقارير دقيقة واتخاذ قرارات مستنيرة.
كيف يمكن لمنصة مزيد مساعدتك؟اكتشف أهمية القيود المحاسبية وأنواعها وكيفية تسجيلها مع منصة مزيد. نحن نوفر لك الأدوات اللازمة لتسجيل جميع أنواع القيود المحاسبية بدءًا من القيود البسيطة وصولاً إلى قيود التسوية، بالإضافة إلى دعم تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تسهم في تسريع العملية وتحسين الدقة. وليس ذلك فحسب، ولكننا في منصة مزيد نوفر لك برنامج المحاسبة اللازم من أجل بناء نظام متكامل لمؤسستك بكفاءة عالية، مع دعم خبراء الإدارة المالية والضرائب المعتمدين. |